**مدخـــل إلى الكتابة الأمازيغية 2**
الغريب :: الغريب العام :: منتدى اللغات :: النقاش الأمازيغي
صفحة 1 من اصل 1
**مدخـــل إلى الكتابة الأمازيغية 2**
/ خصائص 4الكتابة الأمازيغية القديمة:
أ- الكتابة الأمازيغية بخط تيفيناغ:
يعود تاريخ الكتابة الأمازيغية (تيفيناغ) إلى فترات تاريخية بعيدة من الصعب تحديدها بدقة ، وهناك من الباحثين من يرجعه إلى 3000قبل الميلاد، بل إلى 5000 قبل الميلاد،9 " وقد كان يعتقد إلى وقت قريب أن تيفيناغ بمثابة كتابة فينيقية ظهرت في القرن الثاني قبل الميلاد بفضل ماسينيسا, غير أن الباحثة الجزائرية تمكنت من العثور على لوحات كتب عليها بالتيفناغ. والباحثة المعنية هنا هي مليكة حشيد وهي مؤرخة وعالمة آثار أجرت فحوصات على تيفيناغ المعثور عليه، وتبين أنه يعود إلى ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد, وهو ما جعل البعض يرجح أن يكون تيفيناغ هو أقدم الكتابات الصوتية التي عرفها الإنسان.
واللوحة الحاملة لحروف تيفيناغ هي أحد اللوحات المرافقة لعربات الحصان وهذا النوع من العربات ظهر في العصر ما بين ألف سنة قبل الميلاد وألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد الشيء الذي جعل غابرييل كامپس يرى بأن تيفيناغ لا يمكن أن يكون قد ظهر في وقت أقل قدما من ألف سنة قبل الميلاد.
وإذا كانت هناك عدة فرضيات حول أصل تيفيناغ ابتداء من الأصل الفينيقي إلى الأصل الأمازيغي المحلي فإن الأبحاث لم تستقر بعد على حال، وهو مايلخصه كل من غابرييل كامپس وكارل پرسه في أنه بالرغم من كل محاولات التصنيف يبقى الإلمام بأصل تيفيناغ بعيد المنال.
ومن ثم، فإن تيفيناغ بمثابة كتابة قليلة الشهرة ولكنها قديمة لدرجة تستحق الاهتمام باعتبار أن تيفيناغ البدائي يكاد يعود إلى ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد. ويبدو أن هذه الكتابة الأمازيغية التي تسمى أيضا بالتيفيناغ البدائي أو الكتابة الليبية البدائية قد ظهرت مع الإنسان القفصي نسبة إلى مدينة قفصة التونسية. بحيث ظهر تيفيناغ باعتباره رسوما بدائية قابلة للقراءة، بل إن البعض يجعلها حروفا مقروءة."10
وقد استعمل خط تيفيناغ في الكتابة على شواهد القبور والمغارات والكهوف والصخور والنقوش والزرابي والحلي وسك النقود ووشم الجسد والتزيين والزخرفة ووسم التذكارات التاريخية المنصوبة.
وإذا كان الخط الأمازيغي استعمل كثيرا في البوادي والجبال (جبال الأطلس) والمناطق الصحراوية (بلاد الطوارق)، فإنه لم يستعمل كثيرا في المدن لهيمنة الغزاة من الرومان والوندال والبيزنطيين والفاتحين العرب على دواليبها ومرافقها وتجنيسها بلغة الفاتح المستعمر.
وقد تأثر خط تيفيناغ في مساره التاريخي بالكتابة الفينيقية الكنعانية والكتابة المصرية والكتابة اليونانية والكتابة الليبية والكتابة اللاتينية والكتابة العربية خاصة على مستوى الحركات والصوائت. ويرى بوزياني الدراجي أن " شيئا من الشبه يجمع بين الأمازيغية (الليبية) وما اكتشف من كتابة في جنوب إسبانيا L'Iberique بالإضافة إلى التشابه بينها وبين خط الاتروسگ L'Erusgueوخطوط يونانية فرعية أخرى.... وربما هذا نتيجة الاحتكاكات التي حدثت عبر فترات تاريخية مختلفة. ولكن الراجح فيما ذكر هو الارتباط القوي بين اللغة الأمازيغية واللغات الحامية بالدرجة الأولى، ثم اللغات السامية في درجة ثانية Chamito- Sémique."11
ومن هنا، فقد ظلت اللغة الأمازيغية في بلاد تامازغا لغة التداول والتواصل عند الكثير من الأمازيغيين على الرغم من سياسات الإدماج والرومنة والتجنيس التي تعرضوا لها. فلم يتركوا لغتهم الأصلية قط ، بل حافظوا عليها كثيرا وخاصة في المناطق النائية عن المدن ، كما حافظوا على كتابة تيفيناغ ولكن بشكل أقل بالمقارنة مع اللغة المتداولة شفويا." والجدير بالذكر أن هذا الخط – يقول أستاذي الدكتور محمد الشامي- لم تنقطع الكتابة به قط وتستعمل حاليا في رقعة شاسعة تمتد من تخوم الصحراء الجزائرية الليبية إلى النيجر ومن هگار Hoggar إلى حدود النيجر- الفلتانية والنيجر النيجرية ، بل الأكثر من هذا أضحى هذا الخط الأمازيغي يحارب به الأمية في النيجر حيث لغة تمازيغت أصبحت اللغة الرسمية الوطنية بين اللغات النيجيرية الأخرى (تامازيغت، بامبارا، پول، سوناك) وكذا في مالي".12
وإذا كان خط تيفيناغ قد استعمل في الحد من الأمية في النيجر، فإنه في المغرب والجزائر مازال يستعمل باعتباره" تراثا وطنيا بعد أن فقد في هذين البلدين وظيفته الأساسية التي هي الكتابة، وأصبح يوظف للتزيين والتجميل كترسيخه على الأجسام وشما أو بإخلاده في بعض الصور الفنية طرزا ونقشا، وهكذا نجد بعض الجمعيات " القبائلية" تعيد إليه الحياة وتبعثه من جديد وخاصة جمعية " أگراو إمازيغن"، التي تستعمل الآلة الكاتبة لكتابة تيفيناغ وجمعية" وحدة الشعب الأمازيغي" ."13
بيد أن انفتاح المغرب حكومة وقصرا وشعبا على الثقافة الأمازيغية مع خطاب أجدير سنة 2001م سيعطي عبر الخطاب الملكي الرسمي دفعة جديدة للدرس الأمازيغي الحديث ، وسيتم مباشرة بعد هذا الخطاب تدشين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي سيقر إداريا وبشكل رسمي في جلساته ولقاءاته وندواته خط تيفيناغ خطا رسميا للغة الأمازيغية بعد جدل كبير بين أعضاء المجلس الإداري للمعهد وخاصة بين الذين يدافعون عن الخط اللاتيني وخط اللغة العربية وخط تيفيناغ.
هذا، وتكتب الأمازيغية القديمة كما هو معلوم من الأعلى إلى الأسفل في البداية كما يتجلى ذلك في النقوش والصخور والكهوف، ليتم تطويعها من جميع الجهات، من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى ،ومن اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين. واستمر وضع الكتابة على هذا الشكل إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى أن غير الطوارق صيغة الكتابة من اليمين إلى اليسار على غرار اللغة العربية. بيد أن الباحث الجزائري بوزياني الدراجي يرى أن هذا التغيير بدأ مع الفينيقيين:" وفي العهد الفينيقي أضحت كتابة " تفنغ" تكتب من اليمين إلى الشمال؛مثلها مثل الخط الفينيقي."14
ومن المعروف أن الكتابة الأمازيغية عبارة عن حروف صامتة وغير صائتة، كانت في البداية تتكون من 16 حرفا صامتا Consonnes ، وصار بعد ذلك 23 حرفا في عهد المملكة المازيلية النوميدية. وستضاف إليها بعض الحروف الصائتة voyelles مع الفتح العربي لشمال أفريقيا وتسمى :" تيدباكين"، وهذه الصوائت هي: الفتحة والضمة والكسرة. وتسمى الأبجدية الأمازيغية "أگامك"،15لتصبح تيفيناغ اليوم عبارة عن 33 حرفا ، منها 29 حرفا صامتا و4 صائتا.
ومن خصائص الخط الأمازيغي القديم أنه خط صامتي يشبه الكتابة الأيقونية الإديوگرامية Idiogramme التي تعبر عن فكرة أو شيء أو صورة. كما يخلو الخط من العلامات الصائتية Voyelles، ويحضر هذا الخط في أشكال هندسية كدوائر ومثلثات ونقط وخطوط مفتوحة ومنغلقة ومتقاطعة وخطوط مائلة ومتنوعة.
هذا، وقد ترك لنا الأمازيغيون في شمال أفريقيا أكثر من ألف نقش على الصخور والكهوف والشواهد، و" تركوا عددا من النقوش التذكارية في تونس والجزائر خاصة، فيها ماهو مصحوب بترجمته اللاتينية أو الفينيقية؛ وقد قام الباحث جورج مارسي George Marcy بمحاولة جادة من أجل شرحها. لكن معظم النقوش الأمازيغية القديمة لاتزال تنتظر اختصاصيين يشترط فيهم أن يتقنوا الأمازيغية أولا، ثم إحدى اللغات الميتة الآتية: الفينيقية أو اليونانية أو اللاتينية."16
وقد انحدرت الأبجدية تيفيناغ حسب الباحث الجزائري بوزياني الدراجي عن " أبجدية لوبية قديمة، وهي ما زالت مستعملة- في هذه الأيام- ضمن الأوساط الطوارقية؛ وتتميز بكونها لغة صامتة consonantique ؛ وكانت في البداية تكتب منفصلة في الاتجاهات كلها: من اليمين إلى الشمال، ومن الشمال إلى اليمين؛ ثم من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى. وحروفها ليست كاملة حتى الآن... وكانت هذه الكتابة المعروفة بالليبية أو اللوبية منتشرة في كامل بلاد المغرب القديم. ".17
و قد ظهرت كتابة تيفيناغ إبان عصر الجمل، فمن المعروف أن الإنسان الأمازيغي في أنشطته عرف عدة مراحل وعصور كعصر الصيادين من5000 إلى 3500قبل الميلاد، وعصر الرعاة الذي ساد من 3500ق.م إلى 1000ق.م، وعصر الحصان الذي ساد في الألف الأخيرة ق.م، وعصر الجمال الذي ظهرت بوادره خلال المائة سنة التي سبقت التاريخ الميلادي. أما عصر الجمل" ذي السنام الواحد طبعا، فيظهر فيها هذا الحيوان من خلال رسوم أقل جودة وإتقانا من الناحية الفنية مما عرف في الفترات السابقة كعصر الصيادين وعصر الرعاة. ويسمى هذا العصر أيضا بفترة التيفيناغ؛ بسبب وجود هذه الكتابة منقوشة على الصخور؛ إلى جانب الصور المنقوشة والمرسومة . ويبدو أن هذا العصر استمر طويلا؛ بحيث يمكن دمج الفترة الإسلامية ضمنه؛ لأن بعض النقوش أخذت تظهر الحروف العربية إلى جانب حروف التيفيناغ"18
ب- الكتابة الأمازيغية بالخط العربي:
كتبت الأمازيغية بالحرف العربي ابتداء من القرن الثاني عشر والثالث عشر مع ابن تومرت الذي ترجم كتاب "العقيدة" إلى اللغة الأمازيغية بواسطة الخط العربي. بيد أنه في القرن الثامن عشر الميلادي، ستنتشر الكتابات الأمازيغية المكتوبة بالخط العربي وبالضبط في منطقة سوس كالشعر الأمازيغي المنسوب إلى سيدي حمو الطالب وغيرها من كتب الشعر والدين والتصوف والتاريخ والسير. وقد واكب هذا التأليف المرحلة الإسلامية والفتوحات العربية لشمال أفريقيا، وكذلك مع تأثر المثقفين الأمازيغيين بالعلماء المسلمين في شتى المعارف والفنون والعلوم. وفي هذا الصدد يقول أحمد بوكوس:" أما عن المرحلة الإسلامية فإن المؤرخين، وخصوصا منهم مؤلفي الحوليات والسير، يتحدثون عن عدد غير يسير من المراجع المكتوبة باللسان الأمازيغي، منها الأدبيات الدينية للخوارج والبورغواطيين والموحدين ولكن جلها اندثر. لم نعد نحتفظ منها سوى ببعض أسماء الأعلام البشرية وأعلام الأمكنة وبعض الجمل المتناثرة. وحتى أشعار سيدي حمو الطالب التي قد تساعد على استقراء السمات العامة لأمازيغية القرن الثامن عشر لم يصل إلينا بعضها إلا عبر الرواية الشفوية. وهكذا، فإن من أقدم المؤلفات الموضوعة بالأمازيغية هي من إنجاز الفقهاء من أمثال أزناگ وأوزال. ولعل من أشهر هذه المؤلفات كتابي الفقيه محمد ؤعلي أوزال (الهوزالي) أي كتاب الحوض وكتاب بحر الدموع، أولهما يتناول قواعد الفقه وفق المذهب المالكي، وثانيهما في قضايا التصوف. لقد ألفا في القرن الثامن عشر بلسان تاشلحيت ودونا بالحرف العربي. والجدير بالذكر أن لغة هذه النصوص لاتختلف في شيء عن الأمازيغية الحديثة من حيث صرفها ومعجمها وتركيبها."19
وقد ساهمت " الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" في إصدار مجموعة من المنشورات معتمدة في ذلك الخط العربي وطريقة "أراتن" في الكتابة. وحذت مجموعة من الجمعيات الأمازيغية حذو هذه الجمعية في تبني الخط العربي كجمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور التي أصدرت مطبوعا شعريا مكتوبا بالخط العربي.
ومن الصعوبات التي تطرحها كتابة الأمازيغية عبر الخط العربي نلفي مشكل كتابة الهمزة وكتابة الحروف المشكولة، ونرى أن طريقة "أراتن" أفضل في كتابة الأمازيغية باللغة العربية.
فإليكم – إذا- بعض الأمثلة الأمازيغية المكتوبة بطريقة" أراتن":
إزران ــــــــــــــــ ءيزران (الأشعار)
يموث ـــــــــــ ياموث (مات)
أمزكون ــــــــــــ ءامزگون(المسرح)
أرنو ـــــــــــــــــ ءورينو( قلبي)
ج- الكتابة الأمازيغية بالخط اللاتيني:
اعتمد الكثير من الدارسين والباحثين المتمكنين من اللغة الفرنسية على الخط اللاتيني في كتابة المنتوج الأمازيغي كما نجد ذلك واضحا لدى الكثير من الجمعيات الأمازيغية في الجزائر والمغرب. بيد أن الخط اللاتيني الذي استعمل في إصدار مجموعة من الصحف والمجلات كجريدة "أگراو" و"تاسافوت" و" تويزا" ومجلة "تيفيناغ "لأوزي أحرضان... أدخلت عليه تغييرات كبيرة على مستوى الكتابة لتلائم النطق الأمازيغي، فأصبح هذا الخط اللاتيني مشوها بكثرة النقط والرموز الأيقونية فوق رأس الحرف وأسفله؛ مما جعله خطا صعبا للقراءة إذا لم يرافقه جدول لساني صوتي يذلل قراءة الأحرف ، كما لاحظنا ذلك أثناء تعاملنا مع مجموعة من الدواوين الشعرية الأمازيغية الريفية سواء التي أصدرتها جمعية "إيزوران /الجذور" كديوان ميمون الوليد، وديوان محمد والشيخ،وديوان محمد شاشا أم الصادرة بالمغرب كديوان فاظمة الورياشي، وديوان أحمد الزياني، ودواوين رشيدة مايسة المراقي، وديوان سعيد الفراد.
ومن الصعوبات التي يطرحها الخط اللاتيني إلى جانب حمولاته الإيديولوجية والكولونيالية أن الكثير من القراء الأمازيغيين لايفهمون الفرنسية، وهنا يطرح هذا السؤال الملح : لمن يكتب هؤلاء؟ هل للجمهور الفرنسي أم للمغاربة المفرنسين ؟ وهؤلاء المتفرنسون في الحقيقة نخبة ضئيلة جدا أم أنهم يكتبون للأمازيغيين المغاربة الذين لايتقنون إلا اللغة العربية ويجدون صعوبة كبيرة في فهم اللغة الفرنسية ؟! فكيف سيفهمون خطا أجنبيا مليئا بالنقط وأحرف لاتعبر أبدا عن الحروف الأمازيغية بشكل علمي ومضبوط. لذا، من الأفضل كتابة الأمازيغية بخط تيفيناغ ؛لأنه رمز الهوية المحلية ، وأس الحضارة الأمازيغية الموروثة، فقط يجب علينا أن نطوره ونطوعه ليساير جميع المستج
أ- الكتابة الأمازيغية بخط تيفيناغ:
يعود تاريخ الكتابة الأمازيغية (تيفيناغ) إلى فترات تاريخية بعيدة من الصعب تحديدها بدقة ، وهناك من الباحثين من يرجعه إلى 3000قبل الميلاد، بل إلى 5000 قبل الميلاد،9 " وقد كان يعتقد إلى وقت قريب أن تيفيناغ بمثابة كتابة فينيقية ظهرت في القرن الثاني قبل الميلاد بفضل ماسينيسا, غير أن الباحثة الجزائرية تمكنت من العثور على لوحات كتب عليها بالتيفناغ. والباحثة المعنية هنا هي مليكة حشيد وهي مؤرخة وعالمة آثار أجرت فحوصات على تيفيناغ المعثور عليه، وتبين أنه يعود إلى ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد, وهو ما جعل البعض يرجح أن يكون تيفيناغ هو أقدم الكتابات الصوتية التي عرفها الإنسان.
واللوحة الحاملة لحروف تيفيناغ هي أحد اللوحات المرافقة لعربات الحصان وهذا النوع من العربات ظهر في العصر ما بين ألف سنة قبل الميلاد وألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد الشيء الذي جعل غابرييل كامپس يرى بأن تيفيناغ لا يمكن أن يكون قد ظهر في وقت أقل قدما من ألف سنة قبل الميلاد.
وإذا كانت هناك عدة فرضيات حول أصل تيفيناغ ابتداء من الأصل الفينيقي إلى الأصل الأمازيغي المحلي فإن الأبحاث لم تستقر بعد على حال، وهو مايلخصه كل من غابرييل كامپس وكارل پرسه في أنه بالرغم من كل محاولات التصنيف يبقى الإلمام بأصل تيفيناغ بعيد المنال.
ومن ثم، فإن تيفيناغ بمثابة كتابة قليلة الشهرة ولكنها قديمة لدرجة تستحق الاهتمام باعتبار أن تيفيناغ البدائي يكاد يعود إلى ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد. ويبدو أن هذه الكتابة الأمازيغية التي تسمى أيضا بالتيفيناغ البدائي أو الكتابة الليبية البدائية قد ظهرت مع الإنسان القفصي نسبة إلى مدينة قفصة التونسية. بحيث ظهر تيفيناغ باعتباره رسوما بدائية قابلة للقراءة، بل إن البعض يجعلها حروفا مقروءة."10
وقد استعمل خط تيفيناغ في الكتابة على شواهد القبور والمغارات والكهوف والصخور والنقوش والزرابي والحلي وسك النقود ووشم الجسد والتزيين والزخرفة ووسم التذكارات التاريخية المنصوبة.
وإذا كان الخط الأمازيغي استعمل كثيرا في البوادي والجبال (جبال الأطلس) والمناطق الصحراوية (بلاد الطوارق)، فإنه لم يستعمل كثيرا في المدن لهيمنة الغزاة من الرومان والوندال والبيزنطيين والفاتحين العرب على دواليبها ومرافقها وتجنيسها بلغة الفاتح المستعمر.
وقد تأثر خط تيفيناغ في مساره التاريخي بالكتابة الفينيقية الكنعانية والكتابة المصرية والكتابة اليونانية والكتابة الليبية والكتابة اللاتينية والكتابة العربية خاصة على مستوى الحركات والصوائت. ويرى بوزياني الدراجي أن " شيئا من الشبه يجمع بين الأمازيغية (الليبية) وما اكتشف من كتابة في جنوب إسبانيا L'Iberique بالإضافة إلى التشابه بينها وبين خط الاتروسگ L'Erusgueوخطوط يونانية فرعية أخرى.... وربما هذا نتيجة الاحتكاكات التي حدثت عبر فترات تاريخية مختلفة. ولكن الراجح فيما ذكر هو الارتباط القوي بين اللغة الأمازيغية واللغات الحامية بالدرجة الأولى، ثم اللغات السامية في درجة ثانية Chamito- Sémique."11
ومن هنا، فقد ظلت اللغة الأمازيغية في بلاد تامازغا لغة التداول والتواصل عند الكثير من الأمازيغيين على الرغم من سياسات الإدماج والرومنة والتجنيس التي تعرضوا لها. فلم يتركوا لغتهم الأصلية قط ، بل حافظوا عليها كثيرا وخاصة في المناطق النائية عن المدن ، كما حافظوا على كتابة تيفيناغ ولكن بشكل أقل بالمقارنة مع اللغة المتداولة شفويا." والجدير بالذكر أن هذا الخط – يقول أستاذي الدكتور محمد الشامي- لم تنقطع الكتابة به قط وتستعمل حاليا في رقعة شاسعة تمتد من تخوم الصحراء الجزائرية الليبية إلى النيجر ومن هگار Hoggar إلى حدود النيجر- الفلتانية والنيجر النيجرية ، بل الأكثر من هذا أضحى هذا الخط الأمازيغي يحارب به الأمية في النيجر حيث لغة تمازيغت أصبحت اللغة الرسمية الوطنية بين اللغات النيجيرية الأخرى (تامازيغت، بامبارا، پول، سوناك) وكذا في مالي".12
وإذا كان خط تيفيناغ قد استعمل في الحد من الأمية في النيجر، فإنه في المغرب والجزائر مازال يستعمل باعتباره" تراثا وطنيا بعد أن فقد في هذين البلدين وظيفته الأساسية التي هي الكتابة، وأصبح يوظف للتزيين والتجميل كترسيخه على الأجسام وشما أو بإخلاده في بعض الصور الفنية طرزا ونقشا، وهكذا نجد بعض الجمعيات " القبائلية" تعيد إليه الحياة وتبعثه من جديد وخاصة جمعية " أگراو إمازيغن"، التي تستعمل الآلة الكاتبة لكتابة تيفيناغ وجمعية" وحدة الشعب الأمازيغي" ."13
بيد أن انفتاح المغرب حكومة وقصرا وشعبا على الثقافة الأمازيغية مع خطاب أجدير سنة 2001م سيعطي عبر الخطاب الملكي الرسمي دفعة جديدة للدرس الأمازيغي الحديث ، وسيتم مباشرة بعد هذا الخطاب تدشين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي سيقر إداريا وبشكل رسمي في جلساته ولقاءاته وندواته خط تيفيناغ خطا رسميا للغة الأمازيغية بعد جدل كبير بين أعضاء المجلس الإداري للمعهد وخاصة بين الذين يدافعون عن الخط اللاتيني وخط اللغة العربية وخط تيفيناغ.
هذا، وتكتب الأمازيغية القديمة كما هو معلوم من الأعلى إلى الأسفل في البداية كما يتجلى ذلك في النقوش والصخور والكهوف، ليتم تطويعها من جميع الجهات، من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى ،ومن اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين. واستمر وضع الكتابة على هذا الشكل إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى أن غير الطوارق صيغة الكتابة من اليمين إلى اليسار على غرار اللغة العربية. بيد أن الباحث الجزائري بوزياني الدراجي يرى أن هذا التغيير بدأ مع الفينيقيين:" وفي العهد الفينيقي أضحت كتابة " تفنغ" تكتب من اليمين إلى الشمال؛مثلها مثل الخط الفينيقي."14
ومن المعروف أن الكتابة الأمازيغية عبارة عن حروف صامتة وغير صائتة، كانت في البداية تتكون من 16 حرفا صامتا Consonnes ، وصار بعد ذلك 23 حرفا في عهد المملكة المازيلية النوميدية. وستضاف إليها بعض الحروف الصائتة voyelles مع الفتح العربي لشمال أفريقيا وتسمى :" تيدباكين"، وهذه الصوائت هي: الفتحة والضمة والكسرة. وتسمى الأبجدية الأمازيغية "أگامك"،15لتصبح تيفيناغ اليوم عبارة عن 33 حرفا ، منها 29 حرفا صامتا و4 صائتا.
ومن خصائص الخط الأمازيغي القديم أنه خط صامتي يشبه الكتابة الأيقونية الإديوگرامية Idiogramme التي تعبر عن فكرة أو شيء أو صورة. كما يخلو الخط من العلامات الصائتية Voyelles، ويحضر هذا الخط في أشكال هندسية كدوائر ومثلثات ونقط وخطوط مفتوحة ومنغلقة ومتقاطعة وخطوط مائلة ومتنوعة.
هذا، وقد ترك لنا الأمازيغيون في شمال أفريقيا أكثر من ألف نقش على الصخور والكهوف والشواهد، و" تركوا عددا من النقوش التذكارية في تونس والجزائر خاصة، فيها ماهو مصحوب بترجمته اللاتينية أو الفينيقية؛ وقد قام الباحث جورج مارسي George Marcy بمحاولة جادة من أجل شرحها. لكن معظم النقوش الأمازيغية القديمة لاتزال تنتظر اختصاصيين يشترط فيهم أن يتقنوا الأمازيغية أولا، ثم إحدى اللغات الميتة الآتية: الفينيقية أو اليونانية أو اللاتينية."16
وقد انحدرت الأبجدية تيفيناغ حسب الباحث الجزائري بوزياني الدراجي عن " أبجدية لوبية قديمة، وهي ما زالت مستعملة- في هذه الأيام- ضمن الأوساط الطوارقية؛ وتتميز بكونها لغة صامتة consonantique ؛ وكانت في البداية تكتب منفصلة في الاتجاهات كلها: من اليمين إلى الشمال، ومن الشمال إلى اليمين؛ ثم من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى. وحروفها ليست كاملة حتى الآن... وكانت هذه الكتابة المعروفة بالليبية أو اللوبية منتشرة في كامل بلاد المغرب القديم. ".17
و قد ظهرت كتابة تيفيناغ إبان عصر الجمل، فمن المعروف أن الإنسان الأمازيغي في أنشطته عرف عدة مراحل وعصور كعصر الصيادين من5000 إلى 3500قبل الميلاد، وعصر الرعاة الذي ساد من 3500ق.م إلى 1000ق.م، وعصر الحصان الذي ساد في الألف الأخيرة ق.م، وعصر الجمال الذي ظهرت بوادره خلال المائة سنة التي سبقت التاريخ الميلادي. أما عصر الجمل" ذي السنام الواحد طبعا، فيظهر فيها هذا الحيوان من خلال رسوم أقل جودة وإتقانا من الناحية الفنية مما عرف في الفترات السابقة كعصر الصيادين وعصر الرعاة. ويسمى هذا العصر أيضا بفترة التيفيناغ؛ بسبب وجود هذه الكتابة منقوشة على الصخور؛ إلى جانب الصور المنقوشة والمرسومة . ويبدو أن هذا العصر استمر طويلا؛ بحيث يمكن دمج الفترة الإسلامية ضمنه؛ لأن بعض النقوش أخذت تظهر الحروف العربية إلى جانب حروف التيفيناغ"18
ب- الكتابة الأمازيغية بالخط العربي:
كتبت الأمازيغية بالحرف العربي ابتداء من القرن الثاني عشر والثالث عشر مع ابن تومرت الذي ترجم كتاب "العقيدة" إلى اللغة الأمازيغية بواسطة الخط العربي. بيد أنه في القرن الثامن عشر الميلادي، ستنتشر الكتابات الأمازيغية المكتوبة بالخط العربي وبالضبط في منطقة سوس كالشعر الأمازيغي المنسوب إلى سيدي حمو الطالب وغيرها من كتب الشعر والدين والتصوف والتاريخ والسير. وقد واكب هذا التأليف المرحلة الإسلامية والفتوحات العربية لشمال أفريقيا، وكذلك مع تأثر المثقفين الأمازيغيين بالعلماء المسلمين في شتى المعارف والفنون والعلوم. وفي هذا الصدد يقول أحمد بوكوس:" أما عن المرحلة الإسلامية فإن المؤرخين، وخصوصا منهم مؤلفي الحوليات والسير، يتحدثون عن عدد غير يسير من المراجع المكتوبة باللسان الأمازيغي، منها الأدبيات الدينية للخوارج والبورغواطيين والموحدين ولكن جلها اندثر. لم نعد نحتفظ منها سوى ببعض أسماء الأعلام البشرية وأعلام الأمكنة وبعض الجمل المتناثرة. وحتى أشعار سيدي حمو الطالب التي قد تساعد على استقراء السمات العامة لأمازيغية القرن الثامن عشر لم يصل إلينا بعضها إلا عبر الرواية الشفوية. وهكذا، فإن من أقدم المؤلفات الموضوعة بالأمازيغية هي من إنجاز الفقهاء من أمثال أزناگ وأوزال. ولعل من أشهر هذه المؤلفات كتابي الفقيه محمد ؤعلي أوزال (الهوزالي) أي كتاب الحوض وكتاب بحر الدموع، أولهما يتناول قواعد الفقه وفق المذهب المالكي، وثانيهما في قضايا التصوف. لقد ألفا في القرن الثامن عشر بلسان تاشلحيت ودونا بالحرف العربي. والجدير بالذكر أن لغة هذه النصوص لاتختلف في شيء عن الأمازيغية الحديثة من حيث صرفها ومعجمها وتركيبها."19
وقد ساهمت " الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي" في إصدار مجموعة من المنشورات معتمدة في ذلك الخط العربي وطريقة "أراتن" في الكتابة. وحذت مجموعة من الجمعيات الأمازيغية حذو هذه الجمعية في تبني الخط العربي كجمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور التي أصدرت مطبوعا شعريا مكتوبا بالخط العربي.
ومن الصعوبات التي تطرحها كتابة الأمازيغية عبر الخط العربي نلفي مشكل كتابة الهمزة وكتابة الحروف المشكولة، ونرى أن طريقة "أراتن" أفضل في كتابة الأمازيغية باللغة العربية.
فإليكم – إذا- بعض الأمثلة الأمازيغية المكتوبة بطريقة" أراتن":
إزران ــــــــــــــــ ءيزران (الأشعار)
يموث ـــــــــــ ياموث (مات)
أمزكون ــــــــــــ ءامزگون(المسرح)
أرنو ـــــــــــــــــ ءورينو( قلبي)
ج- الكتابة الأمازيغية بالخط اللاتيني:
اعتمد الكثير من الدارسين والباحثين المتمكنين من اللغة الفرنسية على الخط اللاتيني في كتابة المنتوج الأمازيغي كما نجد ذلك واضحا لدى الكثير من الجمعيات الأمازيغية في الجزائر والمغرب. بيد أن الخط اللاتيني الذي استعمل في إصدار مجموعة من الصحف والمجلات كجريدة "أگراو" و"تاسافوت" و" تويزا" ومجلة "تيفيناغ "لأوزي أحرضان... أدخلت عليه تغييرات كبيرة على مستوى الكتابة لتلائم النطق الأمازيغي، فأصبح هذا الخط اللاتيني مشوها بكثرة النقط والرموز الأيقونية فوق رأس الحرف وأسفله؛ مما جعله خطا صعبا للقراءة إذا لم يرافقه جدول لساني صوتي يذلل قراءة الأحرف ، كما لاحظنا ذلك أثناء تعاملنا مع مجموعة من الدواوين الشعرية الأمازيغية الريفية سواء التي أصدرتها جمعية "إيزوران /الجذور" كديوان ميمون الوليد، وديوان محمد والشيخ،وديوان محمد شاشا أم الصادرة بالمغرب كديوان فاظمة الورياشي، وديوان أحمد الزياني، ودواوين رشيدة مايسة المراقي، وديوان سعيد الفراد.
ومن الصعوبات التي يطرحها الخط اللاتيني إلى جانب حمولاته الإيديولوجية والكولونيالية أن الكثير من القراء الأمازيغيين لايفهمون الفرنسية، وهنا يطرح هذا السؤال الملح : لمن يكتب هؤلاء؟ هل للجمهور الفرنسي أم للمغاربة المفرنسين ؟ وهؤلاء المتفرنسون في الحقيقة نخبة ضئيلة جدا أم أنهم يكتبون للأمازيغيين المغاربة الذين لايتقنون إلا اللغة العربية ويجدون صعوبة كبيرة في فهم اللغة الفرنسية ؟! فكيف سيفهمون خطا أجنبيا مليئا بالنقط وأحرف لاتعبر أبدا عن الحروف الأمازيغية بشكل علمي ومضبوط. لذا، من الأفضل كتابة الأمازيغية بخط تيفيناغ ؛لأنه رمز الهوية المحلية ، وأس الحضارة الأمازيغية الموروثة، فقط يجب علينا أن نطوره ونطوعه ليساير جميع المستج
الغريب :: الغريب العام :: منتدى اللغات :: النقاش الأمازيغي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى